فن وثقافة

قبل إعلان الفائز بالبوكر.. محمد سمير ندا يتحدث عن “صلاة القلق”

القاهرة: العاصمة والناس    

قال الكاتب محمد سمير ندا، مؤلف رواية “صلاة القلق”: إن القلق هو حالة شعورية أصبحت تشمل كافة العرب منذ عام ١٩٤٨، فالقلق بالنسبة للمواطن العربي منذ أكثر من ٧٠ عامًا هو جزء من حياته اليومية، وأصبح أشبه بالصلاة.

وأضاف ندا، وذلك خلال كلمته بجلسة حوارية مع كتّاب القائمة القصيرة من الجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” باتحاد كتاب وأدباء الإمارات، التي أدارتها الأديبة عائشة سلطان: أن “نجع المناسي” مكان خيالي من وحي المؤلف، لكنه يمكن أن يكون مكان حقيقي في أي بقعة على الأرض من الوطن العربي أو دول العالم، لافتًا إلى أن الرواية تتحدث عن الفترة من النكسة عام ١٩٦٧ حتى ١٩٧٧، وتلك الفترة كانت مكملة للنكبة واستمرارها، ففي عام ٧٧ مصر أعلنت عن استعدادها لزيارة الكنيست، خاصة أن هذه الفترة شهدت تحولات كثيرة جدًا حدثت في الموقف المصري.

ونوه الكاتب المصري، بأن تلك الفترة أصابت المواطن المصري بوباء القلق، وكان انشغالي بالإنسان الذي يعيش هذه الحالة لفترات طويلة، وعندما يسرق منه التاريخ الفعلي وتبديله بتاريخ زائف، لذلك نناقش تزييف الوعي الجمعي  في المجتمعات والشعوب، واختلاق تاريخ بديل، وأن من يسيطر على المواطن يسيطر على الحاضر والمستقبل، وأيضا الحكم الشمولي.

مقطع من رواية “صلاة القلق”

وجاء في نص الرواية:

أنا كاتب الجلسات أعفاني الله من عثرات الكلام يوم وضع لساني في يدي لاستبدال بالمنطوق المكتوب، وواقع الأمر أنّ الكتابة تُوفّر كل صنوف العناء، إذ تُجنب المرء التردّد واللعثمة، وتُحرّره من سطوة نظرات المستمع.

خلف الورق تتوارى مشاعرُ وتختبئ دموع وتحتبس صرخات ربما كان لها أن تُشَنّت الأسماع، وفوق ذلك تُرتَّب الأحداث، وتكتسي الحكاية بالهدوء.

جرّبتُ كُلُّ شيء، مضيتُ والوطن جنين ينبض في أحشائي، لم أعرف كيف ترسم حدود الأوطان بالألغام ولافتات التحذير والأسلاك الشائكة، ولأي غاية تُسال من أجلها شلالات الدم بغير حساب، وطني الذي أذكره اختطفه خليل ووطني الذي أصبو إلى معانقته ما يزال جنينا يتنقل بين حجرات الذاكرة يبحث عن مخرج، عن وسيلة للتلامس، عن مقصات تمزّق الأسلاك الشائكة، وعن بندقية تطرد الظلال.

حاولت أن أواصل، أن أترك كلَّ شيءٍ خلفي، أن أحرق صحف الأمس. أن أُقرّ بتمام جنوني وسيلةً للنسيان جاهدت، فخانتني كل الموجودات إلا ذاكرتي ووجوه الشخوص التي ما انفكت تطالبني بالقص، وأنا مقصوص اللسان أتساءل وأنا أخطّ هذه الصفحات الأخيرة؛ أأفلحتُ في تقمصهم وتلاوة حكايتهم، أم فشلتُ في ترضيتهم؟ هل بُحتُ بما أرادوه، أم تسرّب غضي ومأساتي إلى كتابتي قصَّا ونهجًا فأغفلتُ حدثًا أو أسقطت واقعة؟ ألحت على طيوفهم الحوامة حول وسادتي طويلا كي أطلق بين الأوراق لسان قلبي ال أنشب أظافري وأسناني في ذيول الحكايات قبل أن تُطوى إلى الأبد، وها قد حاولت.

أنا إذن محرّرُ ألسنة الصامتين نزلاء العتمة والأسر الدائمين أولئك الذين لم يستولوا من الله سوى حفنة من الحقائق تهال على رؤوسهم كالسيل الذي أغرق ديار الحدود. أنا مدون الكلام غير المنطوق، القادم من بلاد الصوت المسروق، الهارب من أرض الحلم الواحد الذي يوزع على النيام قسرًا. أنا المحكوم بالخرس أحكي، فهل نجوتم من أقدار الصمم حتى تسمعوا.


اكتشاف المزيد من العاصمة والناس

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
مرحبا 👋
كيف يمكنا مساعدتك?