فن وثقافة

“يوميات بودلير”.. كتاب يكشف غموض صاحب أزهار الشر

القاهرة: العاصمة والناس    

تمر اليوم الذكرى 204 لميلاد الشاعر الفرنسي شارل بودلير، الذي ولد في مثل هذا اليوم الموافق 9 أبريل 1821، يعد واحدا من أبرز أعلام الشعر الفرنسي والعالمي. في السطور التالية تعرف على بودلير عبر يومياته.

يعد كتاب “بودلير اليوميات” الصادر عن منشورات الجمل، ومن ترجمة الكاتب والمترجم التونسي آدم فتحي، أحد أبرز  الأعمال الإبداعية التي تكشف الوجه الأخر للشاعر الفرنسي الأشهر شارل بودلير، إذ يكشف عبر تلك اليوميات عن آرائه ومواقفه تجاه مجايليه وتجاه الأوضاع السياسية والثقافية.

يجيب الكتاب عن السؤال الأبرز الذي نقف عنده وهو لماذا ظل بودلير فاعلا في الذاكرة الإبداعية ولم يتحول إلى مجرد علامة تالفة على خطوة سالفة في طريق الإبداع؟ وهذا ما تكشفه اليوميات بدءا من وجه الشاعر والمفكر الذي يعيش على حافة، وعن  غضبه المدفون تجاه العالم، ومن نفسه. ف بودلير هنا ينهض من رماد “أزهار الشر” ليدوّن أقسى ما عاناه في كتابه “اليوميات بودلير”.

يؤكد المترجم والكاتب التونسي أدم فتحي عبر مقدمته أن هذا الكتاب “بودلير اليوميات” كما وصلنا الآن، هو عبارة عن مجموعة ملاحظات، سجلها بودلير في شكل “رووس أقلام” أو شذرات لتجميع المادة الضرورية لتأليف كتابين منفصلين “صواريخ” و”قلبي عاريا”، ولفت إلى أن بودلير لم يعبر في أي وثيقة في نشره. 

كل شيء قبيح إلا الجمال، وكل الناس كاذبون إلا من يعترفون بقبحهم!

في يوميات بودلير نشهد صاحب “أزهار الشر” أكثر شراسة وأقل اناقة، نرى وجهه اخيرا بلا رتوش، ولا مساحيق تجميل،  نرى روحه الجريحة وتمزقة بين قاع الحياة كما كان يراها، موحلة ضيقة باعثة على الشأم، وآفاقها الروحية حيث الخلاص والنقاء.

يطلق بودلير ناره النقدية على فرنسا ومعاصرية “هوجو، وجورج صاند وغيرهم، يظهر لنا موقفه من الفكر والسياسة من فولتير إلى بونابرت.

يفصح بودليرعن ذروة تناقضة وغموضة وغموضة، فالكتاب يقدم بودلير متعدد الشخصية، وعلى الرغم من ذلك التعدد الا اننا سنجده منسجما مع  نفسه من حيث رؤيته لحرية الفنان، وضرورة اعتبار الفن طريقا للخلاص، وظل  دائم الدفاع عن أرستقراطية الفن، وأعرب في أكثر من شذرة في هذه اليوميات عن رفضه انخراط الشاعر في خدمة أي كان، سلطة أم قطيعا، واحترازة من الديمقراطية كما فهمها عصره، كان واضحا في إعلان احتجاجه على الدكتاتورية والطغيان، وقرفه من الشعبوية والفجاجة.  بالاسم سمى حكام عصره.

صراعات فلسفية ونفسية

ما يميز “اليوميات” هو عمقها الفلسفي المتشبع بالأسئلة الكونية. يظهر بودلير في نصوصه رجلًا ممزقًا بين رغبته في الإيمان وشكوكه التي لا تنتهي، بين ولعه بالجمال وكرهه للجسد، بين حبه للحياة واحتقاره لها.فمثلا “الشاعر يعشق الحياة كما يعشق المجوسي النار. وهو يعرف أنه لن يعرفها حق المعرفة إلا إذا احترق بها. خامرني وأنا طفل، إحساسات متناقضان: التقزز من الحياة والإنتشاء بها، كذا ما ذهب اليه في رسالة الى والدته جاء فيها: “أنا سعيد بأن أكون ضحية، وليس هذا فحسب، بل إني لن أكره أن أكون جلادا ايضا ” هذه العبارة دعت سارتر  يتهمه بالبحث عن الفشل، والذهاب إلية عن نية مسبقة ” 

يرى كثير من النقاد أن هذا العمل هو اعتراف متأخر، وصندوق أسود يحتوي على أسرار روحه. تتخلله نوبات من الكراهية للآخرين، وتحقير للمرأة، ونقد لاذع لرجال الدين والسياسيين والفنانين، ما يضع القارئ في موقف متأرجح بين التعاطف والرفض.


اكتشاف المزيد من العاصمة والناس

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
مرحبا 👋
كيف يمكنا مساعدتك?