بعد الاكتشافات الجديدة.. هل تقترب مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي؟

القاهرة: العاصمة والناس
رغم إعلان مصر خلال الفترة الأخيرة اكتشافات واعدة للغاز الطبيعي في البحر المتوسط لتحقيق الاكتفاء الذاتي إلا إن تنميتها وإدخالها حيز الإنتاج يتطلب وقتًا واستثمارات ضخمة، مما يعرقل سرعة تحقيق هذا الهدف، بحسب ما قاله خبراء في قطاع البترول.
أعلنت مصر سلسة من الاكتشافات الأخيرة بما يعزز زيادة كبيرة في الإنتاج المحلي، وهو ما ساهم في توفير نحو 1.5 مليار دولار كل 6 أشهر من فاتورة استيراد الطاقة، بحسب تصريحات وزير البترول والثروة المعدنية في وقت سابق.
قال المهندس عبد الله غراب، وزير البترول الأسبق، إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في مصر ليس ثابتًا، بل هو مسألة ديناميكية تعتمد على حجم الإنتاج مقابل الاستهلاك، فإذا زاد الاستهلاك، لن يتحقق الاكتفاء الذاتي بسهولة.
وأشار غراب إلى أن الأهم بالنسبة لمصر هو تطوير بنيتها الأساسية في قطاع الطاقة، وتحويلها إلى مركز إقليمي لتداول الغاز، بحيث تستطيع تأمين احتياجاتها من خلال الإنتاج المحلي أو الاستيراد عند الحاجة، وأضاف: “الغاز الطبيعي لا يمكن تخزينه، لذا يجب إما استهلاكه محليًا أو تصديره للاستفادة منه كإيراد قومي.”
ولفت غراب إلى أن مصر كانت في وقت ما دولة مصدرة للغاز، ثم توقفت عن التصدير، وعادت لاحقًا لزيادة الإنتاج، مؤكدًا أن التوازن بين الإنتاج والاستهلاك يتغير وفقًا لعوامل موسمية مثل ارتفاع استهلاك الكهرباء في الصيف وانخفاضه في الشتاء.
وأكد غراب أن مصر تسعى لتنويع مصادر الطاقة، عبر تعزيز استخدام الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة النووية، مما سيتيح توجيه الغاز الطبيعي إلى الصناعات البتروكيماوية ذات القيمة المضافة، بدلًا من استخدامه فقط في توليد الكهرباء، وأضاف: “كل قدم مكعب من الغاز يمكن توفيره من خلال مصادر طاقة بديلة، يعني زيادة فرص التصدير وتحقيق إيرادات أكبر.”
وقال مسؤول بوزارة البترول سابق أن هناك عدة اكتشافات بارزة من المتوقع أن تساهم في تعزيز الإنتاج، من بينها حقل هارماتان التابع لشركة شل في منطقة شمال البرج البحرية، وحقل نور التابع لشركة إيني في شرق المتوسط، وحقل نرجس التابع لشركة شيفرون، وحقل خوفو التابع لشركة شل في غرب الدلتا، وحقل غرب مينا التابع لشل أيضًا في غرب الدلتا، وأخيرًا حقل نفرتاري التابع لشركة إكسون موبيل في غرب المتوسط.
وأضاف المصدر أنه إذا تمت تنمية هذه الحقول، فإن مصر قد تصل إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أن إجمالي المخزون بهذه الحقول قد يتجاوز 5 تريليونات قدم مكعب.
حلم يصعب تحقيقه خلال فترة قريبة
يرى مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول السابق، إنه من الصعب تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي خلال فترة قريبة، حيث يتطلب حدوث ذلك اكتشافات ضخمة جديدة تعادل على الأقل إنتاج حقل “ظهر” عند ذروة إنتاجه.
وأضاف يوسف أنه حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على وجود اكتشاف بهذا الحجم، وأن ما يحدث حاليًا هو تنمية للحقول، كما أن وجود ثلاث سفن تغييز في مصر هو أكبر دليل على وجود عجز واستمراره لفترة كبيرة، لذلك تقوم مصر باستيراد الغاز، والتعاقد على استئجار هذه السفن.
وأشار أنه بهذا الشكل فإن فكرة تصدير الغاز غير ممكنة في ظل وجود عجز، حيث أن أي انتاج جديد سيكون للاستهلاك المحلي ولسد العجز، وليس للتصدير.
وبحسب بيان سابق لوزارة البترول والثروة المعدنية، فقد بلغ إجمالي الاستهلاك المحلي السنوي من الغاز حوالي 2.2 تريليون قدم مكعب، بمتوسط حوالي 6 مليارات قدم مكعب غاز يومياً، وجاء قطاع الكهرباء في مقدمة القطاعات المستهلكة للغاز الطبيعي بنسبة تناهز 58% من إجمالي استهلاك مصر من الغاز.
وأوضح يوسف أن وزارة البترول تبذل جهودًا كبيرة لدفع الشركاء الأجانب لاستكمال خطط التنمية في الحقول المكتشفة بالفعل، بالإضافة إلى معالجة المشكلات الفنية في حقل ظهر بهدف تعزيز إنتاجه، لكنه لن يعود إلى مستوياته القصوى السابقة.
وأشار إلى أن سفينة الحفر “سايبم 10000″، التي وصلت مؤخرًا، تعمل حاليًا على تنمية حقل ظهر، ومن المتوقع أن يضيف المشروع الجديد حوالي 200 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا.
وبناءً على الوضع الحالي، يرى يوسف أن تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال عامين غير ممكن، إلا إذا تم الإعلان عن اكتشاف جديد ضخم قريبًا.
وأوضح أن أي حقل جديد لن يدخل حيز الإنتاج قبل ثلاث سنوات على الأقل، نظرًا لعمليات التجهيز والربط بالشبكة القومية، لذلك فإن فكرة تحقيق الاكتفاء الذاتي تصعب في هذه الآونة.
وأكد يوسف أنه حتى الآن، لم يتم الإعلان عن أي اكتشافات غازية ضخمة في دول شرق المتوسط، بما في ذلك اليونان، قبرص، أو غزة، ما يجعل مصر حاليًا الأكثر نشاطًا في عمليات التنقيب بالمنطقة، وهذا قد يشير إلى ندرة الاكتشافات الكبيرة المحتملة في الفترة المقبلة.
- للمزيد : تابع العاصمة والناس، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
اكتشاف المزيد من العاصمة والناس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.