تقارير

«من الدمار إلى الإعمار».. كيف تُحوّل «الخطة المصرية» قطاع غزة إلى مجتمع عمرانى فى 5 سنوات؟

القاهرة: العاصمة والناس    

تستعد مصر لاستضافة مؤتمر دولى لدعم وتمويل إعادة إعمار غزة فى نهاية شهر أبريل المقبل، بهدف حشد الدعم العربى والدولى للتعافى المبكر وإعادة الإعمار، ما يجعله حدثًا حيويًا لعرض الخطة المصرية الشاملة وإشراك مختلف الأطراف الدولية والإقليمية فى تقديم الدعم المالى والتقنى لإنجاح العملية.

وتسعى مصر من خلال هذا المؤتمر إلى الحصول على مساهمة فعالة من الدول المشاركة، خاصة الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، للمشاركة فى تحمل التكاليف المالية واللوجستية لإعادة إعمار غزة، ما يعزز من فرص تنفيذ الخطة على أرض الواقع بأسرع وقت ممكن.

وفى خطوة استراتيجية حاسمة، اعتمدت الدول العربية الخطة المصرية للتعافى المبكر وإعادة الإعمار فى مدة زمنية قصيرة لا تتجاوز خمس سنوات، مقارنة بالتقديرات الدولية السابقة التى كانت تشير إلى أن عملية الإعمار قد تستغرق نحو ١٥ عامًا.

والخطة المصرية ليست مجرد تصورات نظرية، بل هى قابلة للتنفيذ على أرض الواقع بجميع بنودها، وتعكس قدرة القاهرة الفائقة على التعامل مع الواقع الفلسطينى بكل تفاصيله، خاصة داخل غزة، وتستند إلى خبرة طويلة فى مواجهة التحديات المتراكمة التى مر بها القطاع، سواء على صعيد وقف موجات التصعيد والحروب، أو إحلال التهدئة، أو إطلاق عمليات إعادة الإعمار الناجحة لأكثر من مرة.

وتكمن أهمية هذه الخطة فى كونها عملية اقتصادية فاعلة وقابلة للتطبيق الفعلى فى وقت قصير، وتبلغ التكلفة الإجمالية لها نحو ٥٣ مليار دولار فقط، وهى تكلفة أقل بكثير من التقديرات الدولية التى كانت تشير إلى نحو ٢٠٠ مليار دولار.

ويعكس هذا الرقم القدرة المصرية على إدارة الأزمة بشكل أكثر كفاءة، مع التركيز على استدامة المشروع وأثره طويل المدى، كما يعكس نجاح مصر فى التنسيق مع جميع الأطراف.

ومن خلال هذه الخطة، تسعى مصر إلى تحقيق استقرار مستدام فى غزة عبر استعادة البنية التحتية، وإحياء القطاع الزراعى والصناعى، وتوفير الإسكان الملائم للسكان المتضررين، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة. 

ويعكس هذا التوجه إدراكًا حقيقيًا لطبيعة الأوضاع فى غزة وحجم الضرر الذى لحق بالبنية التحتية جراء الحروب المتتالية، مع تقديم حلول عملية لتسريع عملية الإعمار فى فترة زمنية وجيزة مقارنة بأى تقديرات أخرى.

وتستند هذه الخطة إلى منهجية شاملة وتنسيق مع المجتمع الدولى، بما فى ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى مؤشرات أمريكية إيجابية قد تسهم فى تحسين بنودها، ما يجعلها خطة استراتيجية للنهوض بغزة بعد حرب استمرت لأكثر من ١٦ شهرًا.

  • تبلغ تكلفتها الإجمالية 53 مليار دولار فقط بدل التقديرات الدولية بـ200 مليار دولار
  • تحقق استقرارًا مستدامًا عبر استعادة البنية التحتية وإحياء القطاعين الزراعى والصناعى
الدمار فى غزة

قبل الانطلاق

  • وقف التصعيد وإطلاق اتفاق شامل لوقف النار أولى خطوات التعافى هى وقف التصعيد فورًا، وتبذل مصر جهودًا حاسمة فى إتمام التهدئة طويلة الأمد ما يمهد الطريق لبدء عملية التعافى المبكر.
  • فك الحصار وإعادة تسهيل التنقل، يشمل ذلك فتح المعابر وتسهيل حركة الفلسطينيين والسلع عبر المعابر المختلفة مثل معبر رفح، ويؤدى هذا إلى تسهيل نقل المساعدات الإنسانية والمواد اللازمة لإعادة البناء، بالإضافة إلى المواد الغذائية والمعدات الطبية وأدوات الإنشاء.
  • إنشاء إدارة مؤقتة للسكان تضم مسئولين فلسطينيين غير فصائليين، حيث تتولى كل المهام داخل القطاع.
  • دراسة شاملة لاحتياجات السكان وإعادة الإعمار تشمل مراجعة الأضرار التى لحقت بالسكان والبنية التحتية، بما يساعد فى وضع برنامج معتمد على الحقائق والإحصائيات الدقيقة.
  • إشراف أممى لحفظ الأمن والمرور يتولى ضمان الأمن وتنظيم حركة المرور والمعابر بما يضمن عدم حدوث خلل فى توزيع المساعدات أو عمليات الإعمار.

منهجية شاملة للتعافى

  • وضع مقاربة قائمة على البيانات والدراسات السابقة وتستند إلى دراسات شاملة تم إعدادها فى السنوات الماضية، وتوفير البيانات الدقيقة حول الاحتياجات وتعتمد على استخدام أدوات علمية ومدروسة تضمن التعامل الفعال مع الأزمة الراهنة، وتعتمد على دراسات سابقة للآثار الاقتصادية والاجتماعية والتدمير الذى تعرض له القطاع نتيجة للحروب المتتالية.
  • إعداد برنامج مشترك بين الحكومة، ودائرة الأمم المتحدة المتعلقة بالألغام UNMAS، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى UNDP، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية OCHA، ومن خلال هذه المنظمات الدولية، يتم تنسيق الجهود وتقديم الدعم الفنى والتقنى لإعادة البناء، وهذا التعاون يتضمن دراسات جدوى، وتنفيذ مشاريع صغيرة ومتوسطة لرفع كفاءة استخدام الموارد.
  • الاستفادة من الخبرات الدولية فى إعادة الإعمار، مثل تجربة لبنان بعد حرب ٢٠٠٦، ليتم توجيه الدعم من خلال آليات علمية تضمن أعلى مستويات الكفاءة.
  • أساليب علمية لضمان التنفيذ، مثل إعادة تدوير الركام وتحويله إلى مواد بناء، ما يقلل من تكلفة إعادة البناء ويعزز من الاستدامة البيئية.
     
جانب من التدخل المصري في إعادة اعمار غزة
جانب من التدخل المصري في إعادة اعمار غزة

تصنيف الأضرار لـ3 فئات

المناطق شبه المدمرة

مناطق بحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل لاستعادة الوحدات السكنية والبنية التحتية، على سبيل المثال، بعض المناطق فى خان يونس ودير البلح تحتاج إلى تدخل فورى لاستعادة الحياة.

المناطق المدمرة بالكامل

تشمل المناطق التى تعرضت لتدمير كامل يتطلب إزالة الركام وإعادة بناء المنازل والبنية التحتية بالكامل، مثل مناطق معينة فى مدينة غزة وشمال غزة.

المناطق الأقل تضررًا
تتطلب تدخلات بسيطة لاستعادة بعض الخدمات مثل الكهرباء والمياه، ويشمل ذلك بعض المناطق فى محور صلاح الدين التى تضررت بشكل محدود.

التعامل مع الركام والذخائر غير المنفجرة

الإزالة

إزالة المتفجرات والذخائر غير المنفجرة من الركام، وتتطلب فرقًا متخصصة.

الفصل
يتم فصل واستخراج المعادن والمواد الكيميائية والرفات من الركام.

إعادة التدوير

لتعزيز الاستدامة وتقليل الحاجة للمواد الخام.

التحويل
تحويل الركام لمواد بناء يمكن استخدامها فى إنشاء بنية تحتية جديدة، أو يتم ردمه فى البحر لزيادة المساحة.

مراحل التنفيذ

التعافى المبكر» من ٦ أشهر إلى عام»

إقامة الإسكان المؤقت لإيواء المشردين، سواء مساكن الإيواء أو الكرفانات، وإصلاح جزء من الـ٦٠ ألف منزل دمر جزئيًا، وإزالة الركام والجثث.

استئناف بعض الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.
التكلفة التقديرية: ٣ مليارات دولار.

إعادة الإعمار الأولى «عامان»

استكمال الخدمات الأساسية، وإزالة الركام بالكامل، واستكمال ترميم المنازل المتضررة جزئيًا، وإنشاء ٢٠٠ ألف وحدة سكنية جديدة. 
استصلاح ٢٠ ألف فدان من الأراضى الزراعية. 
التكلفة التقديرية: ٢٠ مليار دولار.

إعادة الإعمار الثانية «عامان ونصف العام»

تشمل استكمال شبكات المياه والكهرباء، وبناء المبانى العامة اللازمة، وإنشاء ميناء بحرى تجارى ومطار. 
إقامة طريق كورنيش ساحلى بطول ١٠ كيلومترات.
التكلفة التقديرية: ٣٠ مليار دولار.

المبانى المتضررة

330
٣٣٠ ألف مبنى، منها ٢٧٢ ألف وحدة سكنية مدمرة بالكامل و٥٨.٥٠٠ وحدة سكنية دمرت جزئيًا.

شبكات الطرق
تم تدمير حوالى ٦٨٪ من الطرق فى القطاع.
قطاع الصحة
خرجت ٥٠٪ من مستشفيات غزة عن الخدمة بشكل كامل، بينما تعمل المستشفيات المتبقية بشكل جزئى.
التعليم
تم تدمير ٨٨٪ من المدارس فى القطاع، بينما تم تدمير ٥١ مبنى جامعيًا.
قطاع الزراعة
تضررت ٦٨٪ من الأراضى الزراعية، ما يشير إلى التحديات الاقتصادية الكبيرة التى ستواجه قطاع الزراعة فى فترة ما بعد الحرب.

 

التعافى وإعادة الإعمار فى 5 مرتكزات رئيسية 

تسعى خطة التعافى المبكر لإعمار غزة إلى توزيع الجهود على ٥ مرتكزات رئيسية، بحيث تغطى جميع أنحاء القطاع بطريقة متكاملة تساعد على تسريع عملية التعافى وضمان الاستدامة فى إعادة الإعمار، وتبدأ على النحو التالى: 

محيط محور صلاح الدين «الجنوب»
يشكل محور صلاح الدين إحدى النقاط الحيوية فى قطاع غزة، حيث يربط العديد من المناطق الرئيسية فى القطاع ببعضها البعض.

التركيز على إعادة تأهيل الطرق والمرافق العامة فى هذه المنطقة من أجل تسهيل حركة التنقل بين المناطق المختلفة، وتحسين الوصول إلى خدمات الصحة والتعليم والأنشطة الاقتصادية.

خان يونس «جنوب»
تأثرت بشكل كبير نتيجة للدمار الذى لحق بالبنية التحتية، وفى هذا الإطار سيتم إعادة بناء الوحدات السكنية المتضررة، وكذلك إعادة تأهيل المرافق الصحية والتعليمية لتلبية احتياجات السكان.
العمل على استصلاح الأراضى الزراعية لتشجيع النشاط الزراعى من جديد ودعمه فى هذه المنطقة التى تمثل جزءًا مهمًا من الاقتصاد المحلى.

<span style=
خان يونس

دير البلح «وسط»
تعد دير البلح من المناطق المتأثرة بشكل كبير، حيث تحتاج إلى إعادة بناء المنازل والبنية التحتية، وتحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. وسيتم العمل على إعادة تأهيل الأراضى الزراعية التى تضررت لضمان استعادة الأنشطة الاقتصادية الرئيسية فى المنطقة.

مدينة غزة «شمال/ الطرف الجنوبى للساحل الشرقى»
العاصمة الاقتصادية والسياسية لقطاع غزة، ويعتبر دمار البنية التحتية فى المدينة من أكبر التحديات، ويشمل هذا إعادة بناء المبانى السكنية والتجارية، وإصلاح شبكات الطرق، وكذلك إعادة تأهيل المنشآت الصحية والتعليمية التى تأثرت بشكل كبير.
تهدف الخطة إلى ضمان استئناف العمل فى القطاعات الحيوية فى المدينة وتعزيز قدرتها على استيعاب النمو السكانى المستقبلى.

<span style=
غزة

شمال غزة
تشمل العديد من المدن الصغيرة والقرى التى تعانى من تدمير واسع النطاق.
التركيز على إعادة بناء المساكن والأراضى الزراعية، بالإضافة إلى إصلاح المرافق العامة مثل المدارس والمستشفيات.
ستكون الزراعة أولوية فى عملية التعافى، خاصة بعد تلف ٦٨٪ من الأراضى الزراعية فى القطاع.

 


اكتشاف المزيد من العاصمة والناس

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى